أحبُّ هذا الرجل
09-02-2018

 

ــــ ماذا تريدني أن أطبخَ اليوم؟ تسأل أروى زوجَها يوسف.

ــــ لا شيء، يُتمتم يوسف أثناء انهماكه في حلاقة ذقنِه قبل خروجه إلى العمل.

لكنّه، حين يعود، يجد دائمًا ما يأكله. فأروى تحرص على أداء دور الزوجة المثاليّة، وباتت تشعر بالاستياء من هذه الـ"لا شيء" التي بدأ بها قبل أيّام، وصارت كلّما نطقها تنظر إليه بارتباك، كأنّهما شخصيّتان على خشبةِ مسرحٍ، وأحدُهما أخطأ في الحوار! كانت تحتاج إلى إجابةٍ تملأ بها مربّعاتِ الصفّ الأول من لوحة كلماتها المتقاطعة اليوميّة. إجابةٌ واحدة صحيحة وتسير الأمورُ من تلقاء ذاتها فيما بعد. لكنّه لم يكن يزيد على هذه الـ"لا شيء" حرفًا.

بعد عودته من العمل وتغيير ملابسه كان يغسل يديه، ثمّ يجلس إلى المائدة ليمضغَ طعامَه بشرود. وما إنْ ينتهي حتّى تُسارع لتصبّ له الشاي، وتَلحق به إلى الصالة، حيث تجده مضطجعًا فوق الكنبة الطويلة: في يده جهازُ التحكّم، وعيناه مثبّتتان على شاشة التلفاز بحثًا عن قناةٍ تعرض فيلمًا مناسبًا، وغالبًا ما يغفو ويعلو شخيرُه بعد لحظات.

حكاية يوسف وأروى بسيطة مثلهما. أروى: فتاة فقيرة وجميلة تكبره بخمسة أعوام، ويوسف شابٌّ وسيمٌ نشيط يعمل في مشْغلٍ صغيرٍ للخياطة النسائيّة. شاءت الأقدارُ أن تذهب أروى يومًا إلى المشْغل وتجدَه وحده هناك، فيقع من النظرة الأولى في غرامها. في زيارةٍ أخرى لها بعد يومين، يقوم يوسف بسلوكٍ طائشٍ حين يراها مرتاحةً في الحديث معه، فتدفعه عنها قائلةً بغنج: "إذا بدك ياني بالحلال، اسأل عن بيت أبو الدلال." بعد أسبوع فقط يدقّ بابَها برفقة والديه، وبعد أسبوعٍ آخر يلبسان محبسَي الخطوبة ويحصل على قبلته الموعودة. وعندما طالب بما هو أبعد من ذلك احتاج إلى الذهاب برفقتها ووالدها إلى المحكمة، وهناك صارا زوجًا وزوجة.

بدأت الأمور جيّدةً خلال الأسابيع الأولى. يوسف العاشق يحظى بما يريده، وأروى تقوم بدورها من دون تقصير. بعد ثلاثة أشهرٍ حصل خلافُهما الأوّل: يوسف يريد إشباعَ شهواته الجنسيّة بطرقٍ أخرى، وأروى لا تقبل بذلك لأنّ الأمر لا يروق لها ولأنّه "ضدّ الشرع" كما تعتقد. وكي تدعم موقفَها تلجأ إلى قريبها، الشيخ عبد الستّار، الذي أفتى بجوازِ ما طلبه الزوج. لكنّها ترفض فتواه، وتعود إلى بيتها مكسورةَ الروح والجناح. بقيا أكثر من عشرة أيّام، كلٌّ منهما ينام في غرفة. ولفت انتباهَ يوسف عدمُ ظهور علامات الحمل على زوجته، على الرغم من تأكّده أنّهما فعلا خلال الأشهر الماضية ما يوجبُه. لذا كسر حاجزَ الصمت وسألها:

ــــ أليس من المفترض أن تكوني حاملًا؟

ــــ من المفترض، أجابته بفتور.

ــــ أتريدين الذهاب إلى الطبيب؟

ــــ كما تريد.

طلب الطبيب عدّة تحاليل لهما كليْهما. بعد أيّامٍ ذهبا مع النتائج ليطلبَ منهما تحاليلَ إضافيّة. فعادا بعد ثلاثة أيّام وسلّماه النتائجَ الجديدة. نظر إليها مطوّلًا، ثمّ قال: "إنْ شاء الله خير." وأشار خفيةً إلى الزوج أن يعود إليه. بعد ساعة عاد يوسف، فأخبره الطبيب أنّ لدى زوجته مشكلةً خلقيّةً في الرحِم والمبيضيْن، ومن المستبعَد أن تحمل مثلَ باقي النساء. وجد يوسف صعوبةً في تصديق ذلك، ورفض رأيَ الطبيب. وهكذا كانت لهما زياراتٌ إلى أطبّاء آخرين ومَخابر أخرى، لكنّ النتائج كانت تأتي مشابهةً في كلّ مرّة. لم يخبر زوجته بحقيقة الوضع خوفًا عليها من الصدمة، على أمل أن تفهم من تلقاء ذاتها مع مرور الوقت. لكنّ الأخيرة لم تفهم، وبدأ يَشْغلها موضوعَ الحمل والأولاد بشكلٍ جدّيّ. وبدأتْ مشاكلُ من نوعٍ آخر تظهر بينهما: كانت تريده أن يشتري سريرًا يليق بالصغير، ولا بدّ من تغيير دهان البيت،... وصار شغلها الشاغل البحث عن اسمٍ مناسبٍ للصغير أو الصغيرة. وكان يوسف يكتفي بالقول: "بس يجي الصبي منصلّي ع النبي."

تخلّى يوسف عن طلباته الغريبة، وشيئًا فشيئًا بدأت الأمورُ بينهما تعود إلى سابق عهدها. إلّا أن أروى احتاجت إلى أكثر من عامٍ كي تفهم أنّ هناك مشكلةً حقيقيّة، ولم يخطر في بالها أن تكون هي المشكلة. وعاشت أيّامًا ولياليَ مؤرّقةً من التفكير والحيرة، إلى أن قرّرتْ أخيرًا التخلّي عن فكرة الأمومة نهائيًّا كرمى لعينَيْ زوجها، والقبول بما كتب اللهُ لها، ومتابعة حياتها مع يوسف "المسكين" الذي "يعاني مشاكلَ" في الإنجاب؛ وإلّا فلماذا لم يطلّقْها ويتزوّجْ بأخرى حتّى الآن؟!

***

أنهى الدكتور مفيد القراءة ورفع نظره إليّ قائلًا: انتهت؟

نظرتُ إلى الورقة كي أتأكّد أنّ النص قد طُبع كاملًا، وأشرتُ بسبّابتي إلى المقطع الأخير:

ــــ نعم، ها هي النهاية.

فقرأ: ".... فقرّرتْ أخيرًا التخلّي عن فكرة الأمومة..." امممم... "وإلّا لماذا لم يطلّقْها ويتزوجْ بأخرى حتّى الآن؟!"

قلت: ما بها؟

ــــ الأسلوب جيّد عمومًا، ولكنْ لمَ هذا الاستسلام؟

ــــ إنْ كنتَ تقصد قرارَ المرأة، فهذا طبيعيٌّ في مجتمعنا.

ــــ قبل ذلك، قال. ألا يجب أن تمنعَها تربيتُها الدينيّة من مغازلة يوسف وإغوائه في مشْغل الخياطة؟

قلت إنني أعتقد أنّ المشاعر الإنسانيّة أقوى من أيّ شيء، ولا بدّ من أن تجد لنفسها ثقبًا تخرج منه إلى النور.

"ربّما... ربّما،" قال. ثمّ أضاف: "معك حقّ."

شعرتُ بالسعادة لأنّني نجحتُ في الدفاع عن فكرتي، على الرغم من أنّ الإغواء لم يكن واضحًا. ووجدتُني مستعدًّا للمزيد من الأسئلة. تابع:

ــــ لماذا اخترت اسمَ "أروى"؟ أيحمل أيّة دلالة تفيد القصّة؟

قلت إنّه أول اسمٍ خطر في بالي.

سألني: وماذا لو خطر في بالك اسمُ أمّك، هل كنتَ ستستخدمه؟

ــــ لا أعرف.... سأستخدمه إنْ كان مناسبًا للشخصيّة.

  • إنْ كان مناسبًا، قال. وأروى هنا غيرُ مناسب.

قلت إنني فهمت. وأضفتُ لنفسي: أحبُّ هذا الرجل.

أكملَ:

ــــ دعنا من هذا كلّه؛ فالقصّة فيها مشكلةٌ بنيويّة. وهناك توظيفٌ غير سليمٍ لموضوع الدين. كذلك كان في إمكانك إيجاد مشكلةٍ عند يوسف غير التي حدّثتنا عنها، والتي لم أجد مبرِّرًا لوجودها أصلًا!

ثمّ استدرك:

ــــ الحقيقة أنّك لم تحدّثنا عنها، بل أشرتَ إليها بحياء. ثمّ لماذا على الشيخ أن يكون هو المرجعيّة؟ لماذا لا يكون خوري في كنيسة أو أيّ رجل عاديّ؟ بل كان في مقدور زوجته أن تكتفي برفض الأمر من دون اللجوء إلى أحد.

وبعد لحظة من التفكير سألني إنْ كنتُ أطالب الناسَ بتفّهم طلبات يوسف الجنسيّة؟

لم أجبْه. وشعرتُ أنّني أتهاوى. لم أعرف "البنيويّة" التي أشار إليها. كانت قصّتي تعتمد على حكايةٍ حصلتْ في الواقع، وحاولتُ قدر الإمكان أن أكون أمينًا للحقيقة. كنتُ صغيرًا، وكان الدكتور مفيد أحدَ أعمدة القصة والرواية في عالمنا العربيّ. ومن حسن حظي أنّه ابنُ مدينتي، لذا لم يكن صعبًا أن ألتقيه في المقهى الذي يرتاده عادةً وأطلبَ منه قراءةَ قصّتي التي سأشارك بها في مسابقةٍ للقصّة القصيرة. كنتُ أحترمه ككاتب وكإنسان، وقد تعلّمتُ الكثير من قراءتي لأعماله، وظننتُ أنّ قصّتي ستعجبه. لذا أصبتُ بالصدمة من ملاحظاته القاسية، وكدتُ أبكي من القهر لولا مرورُ صبيّ المقهى. فهربتُ بنظراتي إليه، وطلبتُ كأسًا من الماء وفنجانَيْ قهوة. ثمّ تمالكتُ نفسي وسألته:

- ألا يوجد ما هو جيّدٌ فيها؟

أعاد النظرَ إلى الورقة، وبدأ يقرأ بصوتٍ خفيضٍ، ليعلو عند التعليق على بعض المقاطع:

ــــ اممم... البداية موفّقة؛ فمن الجيّد أن تبدأ بسؤالٍ وجواب. امممم... فكرةُ الـ"لاشيء" جيّدة. اممم... خشبة المسرح والكلمات المتقاطعة جيّدة. اممم... وصفُك المقتضب لذهاب يوسف ووالديه إلى بيتها جيّد. اممم... ومن الجيّد هنا أن تجيبه بفتورٍ عن سؤاله حول الحمل. امممم.. هذا تقريبًا كلّ شيء.

ثمّ وضع الورقة على الطاولة بهدوءٍ، فسألته:

ــــ ألا تعتقد أنّ الحكاية تستحقّ أن تُكتب؟

قال:

ــــ ما أعرفه أنّ علينا أن نجيدَ كتابةَ ما نكتبُه. أنظرْ مثلًا إلى قصّة تشيخوف، "موت موظّف." أتعرفها؟

حمدتُ الله أنّني قرأتُ القصّة منذ فترة قصيرة، وأنني ما زلتُ أتذكّر اسمَ بطلها إيفان، وكيف عطس في المسرح فأصاب رذاذُ عطاسه رقبةَ جنرالٍ يجلس أمامه، فبادر إلى الاعتذار، لكنّه خاف ألّا يكون قد قبِل اعتذارَه، فصار يعتذر المرّةَ تلو المرّة، والجنرالُ يهوِّن عليه الأمر. وتذكّرتُ كيف أنه ذهب في اليوم التالي إلى بيت الجنرال لاعتقاده أنّه لم يسامحْه، ما جعل الأخيرَ يستشيط غضبًا، ويصرخ به صرخةً مرعبة قبل أن يطردَه، فيعود المسكين إلى منزله، ويموت من شدّة الرعب والإنهاك. وما إنْ أجبت د. مفيد بـ"نعم" حتى سألني:

ــــ وهل تذكر كمّ مرّةً اعتذر إيفان؟

ــــ وهل لذلك أهمّيّة؟

قال إنّ إيفان اعتذر ستّ مرّات فقط، وفي كلّ مرّة كان يعتذر بأسلوبٍ مختلف، إلّا أّنّ القارئ يظنّها أكثرَ بكثير.

فعلاً، عندما سألني الدكتورمفيد كنت سأجيبه "عشر مرّات أو أكثر." قلتُ لنفسي: "أُحبُّ هذا الرجل. يا للدّقّة!" ولكنْ، هل اهتمّ تشيخوف حقًّا بالعدد، أمْ أنّه جاء عفو الخاطر؟ ثم رددتُ بصوتٍ عالٍ: ستّ مرّات؟ وأضفتُ:

ــــ هل عددتَها يا دكتور؟

ــــ هناك من فعل، قال. إنّها قصّة في منتهى البساطة، ولكنّ عبقريّة تشيخوف جعلتْ منها قصّةً عظيمةً من خلال التركيز على حالة الموظّف النفسيّة ومكانته الاجتماعيّة وخصوصيّة المكان ورتبة الجنرال.

قلت:

ــــ ولكنْ أليس من الظلم أن تقارنَ قصّتي بقصّةٍ لتشيخوف؟

ـــ وأين الظلم؟ قال باستغراب.

قلتُ إنّه كاتبٌ عظيمٌ، وأنا في بداية الطريق.

سألني عن عمري. أربعة وعشرون عامًا، أجبته.

قال وهو ينقر برأس سبّابته على الطاولة إنّ تشيخوف عندما كتب قصّته كان في الثالثة والعشرين.

شعرتُ بكره لتشيخوف، ولم أعرف بمَ أجيب. تابع:

ــــ من غير المعقول أن أقارن قصّتك بقصّةٍ أسوأ منها.

ها هو شعورُ المرارة ينزلق في حلقي من جديد. إنّه يستخدم معي أسلوب "ضربة على الحافر وضربة على النافر."

قلت إنّ عليّ، إذن، التركيزَ على حالة البطل النفسيّة، وتوظيفَ ذلك بما يَخدم الحدث.

ــــ عليك أن تقْنع القارئ بما تكتبه، قال. ثمّ عليك أن تصنع ماضيًا لكلّ شخصيّة. هذا التكنيك يُستخدم في المسرح والسينما أثناء تحضير الممثّل لأداء دور شخصيّةٍ ما، ولا بأس من استخدامه في كتابة القصص والروايات. قد يستطيع الروائيّ عرضَ هذا الماضي، ولكنّ القاصّ لا يستطيع ذلك بسبب الإيجاز والتكثيف اللذين يميّزان القصّة، فيكتفي بالإشارة إليه. وهكذا تكون تصرّفاتُ كلّ شخصيّة منسجمةً مع ماضيها المفترض، فتدور عجلاتُ القصّة بسلاسةٍ أكبر.

قلتُ بحماسة: ثمّ ماذا؟

ــــ يجب ألّا يراك القارئُ تتبختر بين الصفحات، أجاب. توارَ عن الأنظار واتركْ آثارَ خطواتكِ تقوده من جملةٍ إلى أخرى ومن موقفٍ إلى آخر. دعه يبحث عنها ويستمتع بالعثور عليها. واحرص على ألّا تكون غائرة: إمش متخفّفاً!

لم أفهم كيف لا أُظهر نفسي للقارئ، أو كيف أترك "آثار خطواتي تقوده وأمشي متخففاً." لكنّني تظاهرتُ بالفهم وسألتُه:

ــــ هل تفعل ذلك في رواياتك؟

شعرتُ متأخّرًا بوقاحة السؤال. ضحك بأعلى صوته قبل أن يقول بصوتٍ ملؤه اللطف:

ــــ القضيّة ليست بالسهولة التي سمعتَها منّي. والحقّ أنني أفشل أحيانًا.

ثمّ توقّف لبرهةٍ ونظر إليّ بتفحّص وهمس: "سأخبرك بسرّ." وأردف:

- في روايتي الأخيرة، وقعتُ في مطبّاتٍ شبيهةٍ بما وقعتَ به في قصّتك.

لم أستطع كتمَ ابتسامتي، فابتسم هو الآخر وتابع:

ــــ يُقْدم عبد الله (بطلُ روايتي) في الفصل الأخير على الانتحار بطلقةٍ في الرأس من مسدّسه. ولم أنتبه إلّا بعد قراءة المخطوطة للمرّة الثالثة إلى أنّ عبد الله لا يمكن أن يقْدم على ذلك بسبب بنيته النفسيّة وثقافته الدينيّة وتربيته الاجتماعيّة. ولو أردتُ أن يتجاوز كلَّ هذه الاعتبارات، فقد كان عليّ خلقُ ظرفٍ استثنائيّ مقْنع. وهذا ما لم أفعله، إذ كنتُ في كلّ قراءةٍ أتجاهل احتجاجات عبد الله. إلى أن فهمتُ السبب قبل أن أدفع بالرواية إلى النشر، فقمتُ ببعض التغييرات لتصبح الأحداثُ منسجمةً مع الشخصيّة وتاريخها المفترض.

بعد لحظات صمتٍ تابع:

ــــ ليس هذا فقط، بل اكتشفتُ فيما بعد أنّ المسدّسات في ذلك الزمن لم تكن متوفّرةً في بلادنا!

ثمّ أطلق ضحكةً مدوّية وقال: صحيحٌ أنّ ليس كلّ "عبد الله" عبد الله. ولكن لو كان اسمه شادي أو رامي، لما انتبهتُ، ولقتلتُه، وعلقتُ في شِباك النقّاد.

أحبُّ هذا الرجل، قلتُ لنفسي بتأثّر. فهو متواضعٌ، ذكيٌّ، يحترم عقلَ الآخر، دقيقُ الملاحظة، مرح. سألته:

ــــ والآن، ماذا سأفعل بالقصّة؟

ــــ ترسلها إلى المسابقة، قال.

ــــ كما هي؟!

ــــ إنْ كنتَ تريد أن تصبح كاتبًا، قال.

لم أفهم هذا أيضًا، إلّا أنّني قلت لنفسي وأنا أصافحه مودِّعًا: أحبُّ هذا الرجل.

أثناء خروجي مررتُ بطاولة الحساب، فرأيتُ المحاسِب ينظر إلى حيث كنّا نجلس. وإذ بالدكتور مفيد يشير إليه أنْ لا يقبل منّي النقود، ثمّ وجدته يخاطبني بمودّة: "أنت ضيفي."

"أحبُّ هذا الرجل،" كرّرتُ هذه الجملة مرّةً أخيرةً كي أتركَ للنقّاد ما يَشغلهم، على غرار اعتذارات إيفان. ثمّ توجّهتُ إلى مبنى البريد لأرسل بقصّتي إلى الجحيم.

اللاذقيّة

 

عصام حسن

رسّام كاريكاتير، وكاتب من اللاذقيّة، سوريا. أقام العديد من المعرض في سوريا وشارك في معارض خارجها، له مؤلّفات عديدة، منها: ما قلّ ودلّ وهيك وهيك  (رسوم كاريكاتيريّة)، غيمة الشعر الوردية، وأكره اللون الأحمر (نصوص ورسومات للأطفال)،الحرب ومربّى الفريز،  وحدثينا يا شهرزاد، وعن الحب وفأر الطحين (نصوص وحكايات مختلفة).