انتهاك حقوق عمّال فلسطين: فرصة لتشديد حصار "إسرائيل"
12-03-2018

 

حذّر المفوّض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتّحدة أكثرَ من 150 شركة صهيونيّة ودوليّة من احتمال نشر أسمائها في القائمة السوداء للشركات العاملة في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة بسبب انتهاكها "القانونَ الدوليّ وقراراتِ الأمم المتحدة."[1] وسبقتْ هذا التحذيرَ مواقفُ اتخذتْها اتحاداتٌ عمّاليّة في النرويج وكندا[2] وأمريكا،[3] أعلنتْ فيها "المقاطعةَ الاقتصاديّة والثقافيّة والأكاديميّة الدوليّة الكاملة لإسرائيل."[4] كما تداولتْ وسائلُ الإعلام عن نيّة مؤسّسات بريطانيّة اتخاذَ خطواتٍ مماثلة.[5]

وعلى الرغم من إنجازات "حركة مقاطعة إسرائيل" (BDS) على مختلف المستويات، فإنّ الاهتمام بالقضايا العمّاليّة ضعيف. ويترافق هذا الضعف مع نشاطٍ شبهِ تقليديّ لدى المنظّمات النقابيّة والعمّاليّة العربيّة والدوليّة، يتمثّل في إصدار بياناتٍ عامّةٍ تجاه ما يتعرّض له العمّالُ الفلسطينيّون في الأراضي المحتلة.

تسلّط هذه الورقة الضوءَ على الفرص التي يمكن استثمارُها لتحقيق تجاوب أوسع في أوساط النقابات والعمّال مع حملات المقاطعة، وذلك من خلال التركيز على انتهاكات الشركات العاملة في الأراضي المحتلّة لحقوق العمّال الفلسطينيّين، وعدم احترامها لمعايير العمل الدوليّة التي صادق عليها الاحتلال نفسه.

 

العمالة الفلسطينيّة في الأراضي المحتلّة

تتعدّد أشكالُ الانتهاكات الإسرائيليّة تجاه مواطني فلسطين المحتلّة. فعلاوةً على التهجير والقتل والاعتقال واغتصاب الأراضي، يمارس الكيانُ حصارًا محكمًا على الأراضي التي تقع تحت السيادة الفلسطينيّة (الضفّة والقطاع)، ما يعوِّق أيّ فرصة لنشوء مشاريع أو صناعات تستوعب الشبابَ الفلسطينيّ العاطل عن العمل.

وفي آخر تقريرٍ لمنظمة العمل الدوليّة، أشار مديرُها العامّ إلى تزايد الاستيطان، وإلى تحكّم الكيان الصهيونيّ بـ60% من أراضي الضفّة (أي الواقعة في المنطقة ج).[6]

ويَفرض الاحتلال سياساتٍ أخرى تكبح فرص الاستقلال الاقتصاديّ: كتجزئة الأراضي، والرقابة الصارمة على الموارد الطبيعيّة واستخداماتها.[7] ويتوّج ذلك بنقاط العبور والمعابر التي تتحكّم في حركة كلّ شيء. فضلًا عن الجدار العنصريّ العازل الذي تقع نسبةُ 85% منه في أراضي الضفّة الغربيّة.[8]

في خضمّ هذه الظروف، من الطبيعيّ أن يعجز الاقتصادُ الفلسطينيّ عن توليد الوظائف. أمّا المؤسّسات الموجودة فتعجز عن استيعاب الأعداد المتزايدة من الشباب. ونجمتْ عن ذلك زيادةٌ مستمرّةٌ في نِسب البطالة، بلغتْ 41.7% (29.8% في الضفّة و61.4% في القطاع).[9] ولم يتبقَّ للعمّال الفلسطينيّين من فرصٍ للعمل إلّا في المناطق الخاضعة للاحتلال.

ويتساءل تقرير منظمة العمل الدوليّة الآنف الذكر: "من أين ستأتي وظائفُ المستقبل؟ فقدرةُ القطاع العامّ قد بلغتْ مداها من حيث الطاقة الاستيعابيّة. والقطاعُ الخاص يظلّ أضعفَ من أن يحفّز العمالة. ومعظمُ المنشآت صغيرة وغير قادرة على النموّ في هذه البيئة المتقلّبة..."[10]

 

الوضع القانونيّ للعمالة الفلسطينية في الأراضي المحتلّة

حتى العام 1993، وقبل توقيع اتفاق أوسلو، كان في استطاعة العمالة الفلسطينيّة العمل في مناطق "الخطّ الأخضر" من دون أن تشترطَ سلطاتُ الاحتلال أيّة تصاريح عملٍ مسبّقة. وبموجب قرار أصدرتْه حكومةُ الكيان، ينطبق على العمّال الفلسطينيّين قانونُ عمل منذ العام 1970، بما في ذلك الحدُّ الأدنى للأجور واستقطاعاتُ الضمان الاجتماعيّ.[11]

 أمّا بعد أوسلو، فقد أصبح العمّال الفلسطينيّون بحاجةٍ إلى تصاريح عملٍ تمكّنهم من الدخول إلى الأراضي المحتلّة للعمل. ويجري إصدارُ التصاريح بصورة معقّدة جدًّا. كما أنّ التشغيل غالبًا ما يتمّ من خلال وسطاء توظيف أو سماسرة، فيما يحتفظ الكيانُ بسلطته في تطبيق قانونه على العمال الفلسطينيّين.[12]

وتشير آخرُ المعطيات إلى وجود 180 ألف عاملٍ فلسطينيّ يعملون في المناطق التي يسيطر عليها الكيان، أغلبُهم (120 ألفًا) يعملون من دون تصاريح ــ ــ[13] وهو ما يجعلهم، بحسب وزير العمل الفلسطينيّ، أكثرَ عرضةً لاستغلال السماسرة والمشغِّلين في الكيان.

ويعمل الجزء الأكبر من العمّال الفلسطينيّين في قطاعات البناء والإنشاءات. ويأتي العاملون في الزراعة في المرتبة الثانية، وأغلبُهم من النساء والأطفال؛ وتعتمد تلك المزارع على تصدير منتوجاتها إلى الاتحاد الأوروبيّ. فيما يأتي العمّالُ في قطاع الصناعات والخدمات في المرتبة الثالثة.[14]

 

الانتهاكات الصهيونيّة اليوميّة لحقوق العمّال الفلسطينيّين

يتعرّض العمّال الفلسطينيون في رحلة عملهم اليوميّة إلى انتهاكاتٍ من ثلاث جهات: 1) سلطات الاحتلال. 2) الوسطاء أو السماسرة الذين تتعاقد معهم الشركاتُ الصهيونيّة أو الأجنبيّة العاملة في الأراضي المحتلّة. 3) أرباب العمل أنفسهم.

أولاً- انتهاكات الاحتلال. يمرّ العمّال الفلسطينيون بأكثر من 11 معبرًا رئيسًا للدخول إلى أماكن عملهم في الأراضي المحتلّة، ناهيك بالمعابر الاستثنائيّة التي تُنصب بين الحين والآخر. ويصل عددُ المارّين بمعْبرٍ واحد فقط إلى 15 ألف عامل يوميًّا، الأمر الذي يُنتج حالاتِ إغماءٍ بينهم بسبب التدافع على المعابر.[15]

 

يمرّ العمّال الفلسطينيون بأكثر من 11 معبرًا رئيسًا للدخول إلى أماكن عملهم في الأراضي المحتلّة

 

ويتعرّض العمّال إلى إجراءات تفتيش دقيقة، بما فيها استخدامُ الكلاب، وضروبٌ أخرى من المعاملة "المهينة" و"المضايقات (...) وزيادة احتمال تعرّض النساء للتحرّش الجنسيّ."[16] كما يمكن أن تمنع قواتُ الاحتلال أيَّ عامل فلسطينيّ من العبور، وإنْ كان يحمل تصريحًا قانونيًّا، بحجّة ورود اسمه على القوائم السوداء، أو لتشابه اسم عائلته باسم عائلة فلسطينيٍّ آخر قام بعمليّة فدائيّة.[17]

ومن أجل أن يصل العامل إلى عمله في الوقت المناسب، فعليه أن يُغادر منزلَه عند الثانية أو الثالثة فجرًا.[18] وإذا عبر بسلام، فإنّ استغلالًا جديدًا ينتظره من قِبل سائقي سيّارات النقل الصهاينة، الذين ينتظرون عادةً خلف المعابر لإيصال العمّال إلى مواقع عملهم بمبالغ تصل في بعض الحالات إلى 300% ضعف![19]

ونظام تراخيص العمل المتّبَع من قِبل الاحتلال يتشابه مع نظام الكفالة الذي ينظِّم عملَ العمّال المهاجرين في العديد من الدول العربيّة ويتعرّض لنقد المنظّمات الدوليّة المعنيّة بحقوق الإنسان والعمّال؛ فلا يحقّ للعامل الفلسطينيّ بموجب الترخيص إلّا العمل لدى صاحب عملٍ محدّد، وهو ما يوجِد "حالةً من الاستضعاف أمام صاحب العمل والبقاء تحت رحمته."[20]

وتؤكّد تقارير صحفية أنّ الاحتلال يستخدم تصاريحَ العمل لابتزاز العمّال الفلسطينيّين من أجل العمل مع أجهزته الأمنيّة؛ وذلك عن طريق مصادرة تصاريح العمل أو إلغائها، ووعدهم لاحقًا بتصاريح طويلة الأمد وفرصِ عملٍ مجزيةٍ إنْ أبدوْا تعاونًا معهم.[21] كما يُجبر جنودُ الاحتلال وسماسرةُ العمل النساءَ اللواتي لا يحملن تصاريح عمل على ممارسة الجنس معهم للسماح لهنّ بالعبور.[22]

وتزعم سلطاتُ الاحتلال أنّها تطبّق قانونَها على العمّال الفلسطينيّين العاملين في الأراضي المحتلّة. وبموجب ذلك تستقطع مبلغًا شهريًّا من أجرهم يقدَّر بـ 7 دولارات تذهب إلى مصلحة هيئة الضمان الاجتماعيّ الصهيونيّة، على أن تورَّد لاحقًا إلى نظيرتها الفلسطينيّة؛ إضافةً إلى 5% من الأجر تذهب لصالح الهستدروت (اتحاد عمّال الكيان). وعلى الرغم من هذا الزعم، فنادرًا ما يتصدّى الهستدروت لقضايا العمالة الفلسطينيّة، فيما تبلغ الأموالُ المصادَرة على شكل اشتراكات الضمان الاجتماعيّ، التي لم تورَّد إلى السلطة الفلسطينيّة، 8 مليارات دولار.[23]

 

ثانيًا: انتهاكات "السماسرة." يتطلّب العمل في الأراضي المحتلّة من العمّال الفلسطينيّين الحصولَ على تراخيص عمل. ويمرّ إصدارُ التراخيص بإجراءاتٍ طويلة ومعقّدة، ما يعرّضهم لاستغلال السماسرة ووسطاء التوظيف (الصهاينة والفلسطينيّين)،[24] إذ يضطرّ بعضُهم إلى دفع مبالغ تتراوح بين 430 إلى 860 دولارًا أمريكيًّا شهريًّا لضمان الحصول على ترخيصٍ جديدٍ أو استمراريّة الترخيص القديم.[25]

ويُقدِّر المركز الفلسطينيّ للإعلام، نقلًا عن منظّمة العمل الدولية، حجم المبالغ التي تقاضاها السماسرة خلال العام 2016 وحده 380 مليون دولار، أيْ ما نسبتُه 17% من إجماليّ أجور العمّال الفلسطينيّين في الأراضي المحتلّة.[26] وبطبيعة الحال، لا يمكن العاملَ الفلسطينيّ سدادُ مبالغ تصاريح العمل إلّا بالعمل في وظيفةٍ ثانية بصورةٍ "غير قانونيّة" في الأراضي المحتلّة أو العمل لساعاتٍ إضافيّة.

ثالثًا: انتهاكاتُ المشغِّلين: تتعرّض حقوقُ هؤلاء العمّال إلى انتهاكات تتعارض والقوانينَ المطبّقةَ في المناطق المحتلّة، ومعاييرَ العمل الدوليّة التي صادق عليها الكيانُ. فغالبيّتهم يتقاضوْن أجورًا أقلّ ممّا يحدّده القانون، ويعملون ساعاتٍ تتجاوز ساعاتِ عمل نظرائهم الصهاينة. و"كثيرًا ما يستغلّ المشغِّلون الإسرائيليّون ضائقةَ العمّال الفلسطينيّين، وخاصةً العمّال الذين لا يملكون تصاريحَ للتواجد في إسرائيل، ويقومون بتشغيلهم مقابل أجرٍ زهيد وبظروف صعبة من خلال حرمانهم من الحقوق التي يستحقونها حسب القانون."[27]

ومع أنّ أغلب العمّال الفلسطينيّين يعملون في قطاع البناء والانشاءات، فإنّ المشغِّلين في الأراضي المحتلّة لا يلتزمون بتوفير أدنى إجراءات السلامة ــ ــ وهو ما يتناقض والاتفاقيّات الدوليّة الصادرة عن منظمة العمل الدوليّة.[28] وفي العام 2015 قُتل 13 عاملًا فلسطينيًّا في هذا القطاع، وزاد العدد سنة 2016 إلى 21.[29]

 

تتعرّض حقوقُ هؤلاء العمّال إلى انتهاكات تتعارض والقوانينَ المطبّقةَ في المناطق المحتلّة

 

ويؤكّد الاتحاد العامّ لعمّال فلسطين أنّ أغلب إصابات العمل لا تعالَج في الأراضي المحتلّة، ويُنقل المصابون إلى الحدود مع الضفّة الغربيّة أو إلى سكنهم من دون أن يتحمّل صاحبُ العمل كلفة العلاج. ويتلكّأ المشغِّلون في إصدار الوثائق المطلوبة لتمكين العامل من الحصول على تعويضات إصابته.[30]

أمّا في قطاع الزراعة، الذي تذهب أغلبُ صادراته إلى دول الاتحاد الأوروبيّ، فيعيش العاملون فيه (وأغلبُهم من النساء والأطفال) في أوضاع عملٍ سيّئة و"خطرة" حسب وصف هيومن رايتس ووتش.[31] فبالإضافة إلى الأجور المتدنّية، تعاني النساءُ التحرّشَ الجنسيّ.[32] ويُجبر الأطفال، وهم في غالبهم متسرّبون من المدارس، على حمل "أحمالٍ ثقيلة، ويتعرّضون للمبيدات السامّة، وفي بعض الأحيان يضطرّون لتحمّل تكاليف العلاج الطبّيّ لإصابات أو أمراض متعلّقة بالعمل من جيوبهم الخاصّة."[33]

 

ما العمل؟

ما استعرضتْه هذه الورقةُ غيضٌ من فيض الانتهاكات. ويبقى السؤال ما العمل؟ وكيف يمكن أن توظِّف حركةُ المقاطعة العالميّة (BDS) هذه االمعلومات لتحقيق أكبر قدرٍ من الضغط على الكيان الصهيونيّ والشركات العاملة فيه؟

بدايةً لا بدّ من مخاطبة المنظّمات النقابيّة والعمّاليّة باللغة التي يفهمونها. وعلى الرغم من أنّ BDS قطعتْ شوطًا مهمًّا في هذا المجال، إلّا أنّ العمل ما زال في حاجةٍ إلى تطوير من خلال استثمار الالتزامات الدوليّة بموجب اتفاقيّات منظمة العمل الدوليّة التي صادق عليها الكيانُ الصهيونيّ. ومن خلال استعراض الانتهاكات التي يتعرّض لها العمّال الفلسطينيّون، تمْكن ممارسةُ المزيد من الضغوط على المؤسّسات العاملة في الأراضي المحتلّة من أجل تقليص استثماراتها أو سحبها من هناك. ويتمّ ذلك عن طريق مدّ المنظّمات النقابيّة والعمّاليّة بالمعلومات عن الانتهاكات، وربطها بمعايير العمل التي صادق عليها الكيان.

فلغاية اليوم، صادق الكيان على جميع الاتفاقيّات الأساسيّة، وهي ثمانٍ، وتغطّي أربعة موضوعاتٍ رئيسة:

1 ـــ العمل الجبريّ. ويغطّى في اتفاقيّة العمل الجبريّ رقم 29 لعام 1930، واتفاقيّة القضاء على العمل الجبريّ رقم 105 لعام 1957.

2 ـــ الحريّات النقابيّة والمفاوضة الجماعيّة: وتُغطَّى باتفاقيّة الحرية النقابيّة وحماية حقّ التنظيم رقم 87 لعام 1948، واتفاقيّة حقّ التنظيم والمفاوضة الجماعيّة رقم 98 لعام 1949.

3 ـــ التمييز: ويغطّى في اتفاقيّة منع التمييز في الاستخدام والمهنة رقم 111 لعام 1958، واتفاقيّة المساواة في الأجر.

4 ـــ عمل المرأة والطفل: ويغطّى في اتفاقيّة الحدّ الأدنى للعمل رقم 138 لعام 1973، واتفاقيّة أسوأ أشكال عمل الأطفال رقم 182 لعام 1999.

 

خطوات للتحرّكات العمليّة

خلاصة هذه الورقة هي مجموعة اقتراحات أرى أنّها ستسهم في حشد المزيد من المنظّمات النقابيّة والعمّاليّة العربيّة والدوليّة تجاه الشركات التي تمارس أعمالَها في المناطق الفلسطينيّة المحتلّة.

هذا الأسلوب هو الأقرب إلى فهم المنظمات النقابيّة وتعاطيها الإيجابيّ. فعلى سبيل المثال، إذا ما وُصِم نظامُ تراخيص العمل الذي يُطبَّق على العمّال الفلسطينيّين بأنّه أحدُ أوجه العبوديّة الحديثة الواردة في الاتفاقيّات المذكورة أعلاه (وفي البروتوكول التكميليّ لاتفاقيّة منع العمل الجبريّ)، فهذا سيُسهم في المزيد من التركيز على أوضاع أولئك العمّال، وبالتالي ستتعرّض الشركاتُ إلى المزيد من ضغوط منظّمات حقوق الإنسان والمنظّمات العمّاليّة. كما قد تسعى الأممُ المتحدة وبعضُ المنظمات المعنيّة بحقوق الإنسان إلى إصدار قوائمَ سوداء بالشركات التي لا تراعي حقوقَ الإنسان بصورةٍ عامّة وحقوقَ العمّال على وجه الخصوص.

الكلام على عمالة الأطفال أيضًا يمكن استثمارُه من خلال "اتفاقيّة أسوأ أشكال عمل الأطفال،" والاتفاقيّة الدوليّة لحماية حقوق الطفل. فبحسب التقارير، هناك العديد من الأطفال الذين تقلّ أعمارُهم عن 15 عامًا (وهي السنّ التي قرّرها الكيانُ حدًّا أدنى للعمل) يعملون في المزارع في الأراضي المحتلّة، وفي ظروف مجحفة. كما أنّ عملهم في هذه السنّ المبكّرة يحرمهم التعليمَ الأساسَ، ما يزيد من حالات استغلالهم وتصنيفهم ضمن الخاضعين للعمل الجبريّ والعبوديّة الحديثة وكذلك الاتّجار بالبشر. والحال ذاته ينطبق على عمل المرأة.

التمييز في الاستخدام والمهنة ومقدار الأجر أيضًا له تبعاتٌ قانونيّة بموجب الاتفاقيّات التي سبقت الإشارةُ إليها. ويمكن القول إنّ اتفاقيّات منظّمة العمل توفّر فرصةً مناسبةً أمام BDS لجذب اهتمام المنظّمات النقابيّة إلى ما يتعرّض له العمّالُ الفلسطينيّون في الأراضي المحتلة، وبالتالي ممارسة ضغطٍ على الشركات بصورةٍ مباشرة أو من خلال التواصل مع المنظّمات المعنيّة بحقوق الإنسان في الأعمال التجاريّة.

وعليه، يمكن العمل على محوريْن أساسيْن في الفترة المقبلة: محور العبوديّة الجديدة (أو العمل الجبريّ)، ومحور عمالة الأطفال.

وهناك العديد من المنظّمات الدوليّة المعنيّة بسلامة عمليّات الشركات من شبهات الاتّجار بالبشر، إضافةً إلى القوانين الداخليّة المرعية في العديد من الدول؛ فعلى سبيل المثال يوجب قانونُ العبوديّة الحديثة في بريطانيا 2015 على الشركات العاملة على أراضيها التأكّدَ من أنّ جميع عمليّاتها خالية من العمل الجبريّ والعبوديّة الحديثة.

وبالرجوع إلى حقيقة أنّ الجزء الأكبر من الإنتاج الزراعيّ في الأراضي المحتلة يذهب إلى دول الاتحاد الأوروبيّ، وأنّ العاملين في تلك المزارع هم من العمّال الفلسطينيّين، وأنّ جزءًا كبيرًا منهم أطفال دون سنّ العمل القانونية، فإنّ إمكانيّة تحقيق نتائج ملموسةٍ كبيرة.

 


[1] رفعت سليمان، "الأمم المتحدة بصدد توجيه ضربة موجعة لأكبر الشركات الإسرائيليّة،" موقع روسيا اليوم، 27 سبتمبر 2017، https://goo.gl/wmAS9h

[2] وكالة الصحافة الفلسطينيّة (صفا)، "كبرى نقابات العمال الكندية تقاطع "إسرائيل"،" 6 سبتمبر 2017، https://goo.gl/94tGbj

[3] بوّابة اقتصاد فلسطين، "بي. دي. اس. تزداد قوةً وتزعزع إسرائيل خلال 2015،" 28 يناير 2016، http://www.palestineeconomy.ps/article/4943

[4] حركة مقاطعة إسرائيل BDS، "أكبر اتحاد لنقابات العمّال النرويجيّة يتبنّى المقاطعة الشاملة ضدّ إسرائيل لتحصيل الحقوق الفلسطينيّة،" 13 مايو 2017، https://goo.gl/3pDYQG

[5] أوليفر رايت، "بريطانيا تحظر وتجرّم مقاطعة إسرائيل،" موقع BDS، https://goo.gl/qmn8tj

[6] تقرير المدير العامّ عن وضع عمّال الأراضي العربيّة المحتلّة، منظّمة العمل الدوليّة، مؤتمر العمل الدوليّ، الدورة (106) 2017، رقم الوثيقة ILC.106/DG/APP، ص4.

[7] للمزيد، طالع: عبد الرحمن شهاب، "سياسات وتشريعات الاحتلال الإسرائيليّ للسيطرة على الموارد الطبيعيّة في فلسطين،" http://bit.ly/2p3kdIE

[8] منظّمة العمل الدوليّة، مصدر سابق، ص3 و14.

[9] المصدر السابق، ص10.

[10] المصدر السابق، ص4.

[11] جعفر عفيف شرقية، "الوضع القانونيّ للعمّال الفلسطينيين (الضفّة والقطاع) العاملين داخل الخطّ الأخضر،" أطروحة ماجستير في القانون الخاصّ، جامعة النجاح الوطنيّة في نابلس، 2014، https://scholar.najah.edu/sites/default/files/Ja%27far%20Sharqia.pdf

[12] بلال ظاهر، "توفيرات العمّال الفلسطينيين بإسرائيل: الاحتلال نهب مليارات الدولارات،" موقع عرب 48، 8 مارس 2017، https://goo.gl/sjeJv2

[13] وكالة معًا، "وزير العمل يُطْلع وفدًا نقابيًّا دوليًّا على أوضاع العمّال الفلسطينيين"، 7 مارس 2017، https://www.maannews.net/Content.aspx?id=896216

[14] الاقتصادي، "عمّال المستوطنات غصّة في القلب،" 23 مارس 2015، http://www.aliqtisadi.ps/ar_page.php?id=3d101y250113Y3d101

[15] الاتحاد العامّ لعمّال لفلسطين، "تقرير صادر عن الاتحاد العامّ لعمّال فلسطين حول ظروف ومعاناة العمّال الفلسطينيين داخل الخطّ الأخضر والمستوطنات 1/5/2014،" http://www.gupw.org.ps/index.php/2012-10-06-13-44-10/73-2014-05-22-06-10-03

[16] منظمة العمل الدولية، مصدر سابق، ص22.

[17] المصدر السابق، ص22.

[18] نون بوست، " العمال الفلسطينيون من فلسطين إلى إسرائيل من أجل العمل،" 7 فبراير 2016، https://goo.gl/nTfhcH

[19] الاتحاد العامّ لعمّال لفلسطين، مصدر سابق.

[20] منظمة العمل الدوليّة، المصدر السابق، ص22.

[21] نون بوست، المصدر السابق.

[22] ناهض منصور، "اغتصاب عاملة فلسطينيّة 10 مرات مقابل السماح لها بالعمل في مستوطنة،" العربية 7 أغسطس 2005، https://www.alarabiya.net/articles/2005/08/07/15656.html، ووكالة وطن للأنباء، "سماسرة يستغلّون عاملات فلسطينيّات في المستوطنات ماديًّا وجنسيًّا،" 2 سبتمبر 2013، http://www.wattan.tv/tv/77981.html

[23] محمد الرجوب، "8 مليارات دولار مستحقّات متأخّرة للعمّال الفلسطينيين في إسرائيل،" العربي الجديد، 29 يونيو 2016، https://goo.gl/OmWv6l

[24] منظمة العمل الدولية، مصدر سابق، ص22.

[25] المصدر السابق، ص22، وكالة معًا الإخباريّة، "السماسرة والآليّة الجديدة لمنح التصاريح،" 9/12/2016، https://www.maannews.net/Content.aspx?id=880755

[26] المركز الفلسطينيّ للإعلام، ""وكلاء التصاريح" المتاجرون بعرق العمّال،" 13 أغسطس 2017، https://goo.gl/iaajgd

[27] مركز المعلومات "الإسرائيلي" لحقوق الانسان في الأراضي المحتلة "العمال الفلسطينيون داخل إسرائيل"، تاريخ النشر 1 يناير 2011م، http://www.btselem.org/arabic/workers

[28] الاتحاد العام لعمال لفلسطين، مصدر سابق.

[29] بلال ظاهر، مصدر سابق.

[30] الاتحاد العامّ لعمّال لفلسطين، مصدر سابق.

[31] هيومن رايتس ووتش، "إسرائيل: الزراعة في المستوطنات تضرّ أطفال الفلسطينيين،" 13 أبريل 2015، https://www.hrw.org/ar/news/2015/04/13/269569

[32] الاتحاد العامّ لعمّال لفلسطين، مصدر سابق.

[33] هيومن رايتس ووتش، مصدر سابق.

خليل يعقوب بوهزاع

ماجستير في القانون. عمل صحفيًّا في جريدة الوقت البحرينيّة، ومراسلًا لصحيفة الطليعة والآن الالكترونيّة الكويتيتين، ومراسلًا لصحيفة الدستور الأردنيّة. مُحرّر ومساهم في الخليج: الثابت والمتحول، الذي يصدره مركزُ الخليج لسياسات التنمية منذ العام 2013. له عدد من أوراق العمل والمقالات في القضايا المتصلة بحقوق العمّال والعمالة المهاجرة والاتّجار بالبشر.